مع ارتفاع درجات الحرارة خلال العطلة الصيفية، يلجأ الكثيرون إلى المسابح العامة والحدائق المائية، كخيار مفضل للترفيه والانتعاش، لكن ما يبدو للوهلة الأولى مكانًا آمنًا وممتعًا، قد يخفي في طياته مخاطر صحية غير مرئية، بحسب تحذيرات متزايدة من خبراء الصحة.

في مقال علمي نشرته البروفيسورة ليزا كوشارا، أستاذة علوم الطب الحيوي في جامعة كوينيبياك الأميركية، أوضحت أن القلق من نظافة مياه المسابح مبرر تمامًا، مشيرة إلى أن المياه لا تكون دائمًا نظيفة كما تبدو، حتى وإن كانت معالجة بالكلور. فالمواد المطهرة لا تقضي على كل أنواع الجراثيم والطفيليات، بل إن بعضها قادر على البقاء حيًا في بيئات معقمة ظاهريًا.

من بين أكثر مسببات العدوى شيوعًا، تبرز طفيليات منها كريبتوسبوريديوم، والتي وُثّقت كمصدر رئيسي لتفشي أمراض معوية مرتبطة بالمياه خلال السنوات الـ25 الأخيرة، خصوصًا في إنجلترا وويلز. هذا الطفيلي يتمتع بقدرة مذهلة على مقاومة الكلور، إذ يمكنه العيش في المياه المعالجة لعدة أيام، مسببًا نوبات من الإسهال المائي تستمر لأسبوعين، ما يشكل تهديدًا حقيقيًا لمرتادي المسابح.

ولا تقتصر التأثيرات الصحية على الجهاز الهضمي، بل تشمل أيضًا الجلد والأذنين. فبكتيريا Pseudomonas aeruginosa، التي تزدهر في البيئات الرطبة، يمكن أن تسبب طفحًا جلديًا يُعرف باسم "طفح حوض الاستحمام الساخن"، وهي حالة جلدية مزعجة تتمثل في حكة واحمرار والتهاب. كما قد تؤدي الرطوبة الزائدة داخل الأذن، إلى التهابات تعرف بـ"أذن السباح"، نتيجة تكاثر البكتيريا أو الفطريات داخل قناة الأذن الخارجية.

المثير للاهتمام أن رائحة الكلور القوية التي يربطها البعض بالنظافة، قد تكون في الواقع مؤشرًا على التلوث، إذ توضح كوشارا أن هذه الرائحة تنتج عن تفاعل الكلور مع مواد عضوية، منها العرق والبول، ما يؤدي إلى تكوّن مركبات تُعرف بالكلورامينات، وهي مواد كيميائية يمكن أن تهيّج العينين والجهاز التنفسي، وتدل على تراجع فعالية الكلور في تطهير الماء.

ولتفادي هذه المخاطر، يوصي الخبراء بعدم ابتلاع ماء المسبح مطلقًا، والحرص على الاستحمام فور الانتهاء من السباحة، بالإضافة إلى تجفيف الأذنين جيدًا لتقليل احتمال حدوث التهابات. فبينما تبقى السباحة من الأنشطة المفيدة والمحببة صيفًا، فإن الوعي بالمخاطر الخفية، هو ما يصنع الفارق بين تجربة منعشة وزيارة غير متوقعة للطبيب.